نجل السيسي يعود، وتجدد الغضب داخل الأجهزة السيادية
وأضافت المصادر: “يبدو أنّ هناك من رأى داخل دوائر السيسي القريبة أنّ الأمور قد هدأت، والرأي العام انشغل بقضايا كبرى أخيراً، ولم يعد أحد يلتفت إلى دور نجل الرئيس في الحياة السياسية، وأنّ الظروف باتت مواتية لإعادته تدريجياً لبعض الملفات التي كان يعمل عليها، مع إرجاء تدخله مجدداً في ملفات السياسة الداخلية في الفترة القريبة المقبلة، خصوصاً وأنه ليس هناك ما يستدعي ذلك”.
وأكدت المصادر أنّ “اختيار ملف الإرهاب في سيناء ليعود من خلاله نجل السيسي، يأتي بحكم أن هذا الملف لا يفضّل كثيرٌ من قيادات جهاز المخابرات العامة العمل عليه، نتيجة فرضه احتكاكا مباشرا مع قيادات الجيش، وفي ذلك الأمر حساسية، وهو يتطلب أشخاصاً بمواصفات محددة، وهو ما يمكن لنجل السيسي أن يتجاوزه عبر تدخّل والده لدى قيادات المؤسسة العسكرية”.
وأشارت المصادر إلى أنّ هناك غضباً من نوع آخر داخل مؤسسة الرئاسة لدى اللواء محسن عبد النبي، مدير مكتب الرئيس، الذي جرى تهميشه أخيراً، ونزع الكثير من صلاحياته، ضمن خطة إعادة الهدوء التي تمّ فرضها في أعقاب إبعاد كل من شعبان ونجل السيسي عن المشهد نهاية العام الماضي، وفي ظلّ توتر العلاقات بينه وبين جناح اللواء عباس كامل، إذ سعى عبد النبي فور وصوله لموقع مدير مكتب الرئيس وراثة وخلافة كامل في الملفات كافة التي كان يسيطر عليها الأخير، قبل تركه موقعه وتوليه منصب مدير جهاز المخابرات العامة، قبل أن ينتهي الأمر بتحديد صلاحيات عبد النبي كنوع من الترضية للأطراف كافة.
إلى ذلك، يربط متابعون للأحداث في سيناء، بين محمود السيسي، ورجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، الذي يحتكر إدخال البضائع إلى غزة، مقابل مبلغ مالي كبير لقاء كل شاحنة، وذلك دوناً عن بقية الشركات المصرية والفلسطينية التي اضطرت إلى التعامل مع العرجاني لإدخال بضائعها.وأوضحت المصادر أنّ الخلاف الذي يتم الحديث بشأنه داخل أروقة الحكم المصرية، بين جهاز المخابرات العامة ووزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، من بين أسبابه أنّ الأخير استقوى بمؤسسة الرئاسة وتحديداً بعبد النبي، في مواجهة جناح المخابرات العامة الذي يفرض هيمنته على الإعلام المصري.
وفي وقت سابق، كشف أحد القائمين على شركة شاحنات يستخدمها العرجاني لنقل البضائع أنّ كل شاحنة تمر من سيناء يأخذ مقابلها أكثر من 200 ألف جنيه مصري، أي ما يفوق 11 ألف دولار أميركي، فيما يزيد هذا المبلغ في حال كانت البضائع سجائر أو معسل، نظراً إلى الأرباح المرتفعة التي يمكن جنيها في ظلّ فرق السعر بين مصر وغزة، وتبعاً لانخفاض قيمة الجنيه في مقابل الدولار الأميركي. ويدخل يومياً ما لا يقل عن 100 شاحنة إلى غزة، وبالتالي يكون العائد اليومي أكثر من 110 آلاف دولار، أي ما يعادل مليوني جنيه. وأكد المتحدّث نفسه أنّ العرجاني يستغلّ فرق الجيش العاملة في الميدان، بعد حصوله على ضوء من الأجهزة السيادية المتمثلة بجهازي المخابرات العامة التي يقودها عباس كامل، وكذلك المخابرات الحربية، وعلى رأسها محمود عبد الفتاح السيسي الذي يعتبر أحد أهم شركاء العرجاني في العمل.
وأشار إلى أنه لا يمكن لأي تاجر مصري أو فلسطيني إدخال بضائع مصرية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح بدون التنسيق مع شركة “مصر سيناء للاستثمار” التي يترأس مجلس إدارتها العرجاني، والتي كانت تسمى شركة “أبناء سيناء”، إذ إنّ بإمكان العرجاني إيقاف عملية إدخال أي بضائع لصالح أي شركة فلسطينية أو مصرية تحاول أن تتجاوز عمل شركته، من خلال علاقاته وشراكاته لقيادات وازنة في الدولة المصرية، خصوصاً جهازي المخابرات، على الرغم من أنّ ذلك مخالف للأعراف الاقتصادية. كما أن العرجاني لا يراعي الحصار المفروض على قطاع غزة، ويفرض مبالغ مالية كبيرة على البضائع الواردة للقطاع، والتي يضطر التجار إلى دفعها لتسهيل مرور بضائعهم، في ظلّ التشديد الإسرائيلي على معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد بغزة.
وفي الحديث عن تاريخ العرجاني، قال أحد مشايخ سيناء، إنّ “أساس المال الذي يملكه العرجاني اليوم، يعود إلى عمله في تهريب المخدرات عبر الحدود بين مصر والأراضي المحتلة، وكذلك من خلال عمله في تهريب البشر خصوصاً الأفارقة من سيناء لإسرائيل، بالإضافة إلى عمله في التهريب من سيناء لقطاع غزة عبر الأنفاق خلال السنوات العشر الماضية”. وقد بلغ رصيد العرجاني، وفق المصدر نفسه، نقلاً عن أحد العاملين مع الرجل “113 مليون جنيه قبل عام، في بنك واحد فقط وهو البنك الأهلي المصري”.كما يعمل العرجاني على التنسيق لإدخال المحروقات والغاز المنزلي عبر تأمين الشاحنات المارة من سيناء بشكل شبه يومي، فيما تتخوف الدولة من إيصال المحروقات إلى مدن محافظة شمال سيناء منذ أشهر طويلة، بحجة عدم وجود تأمين لشاحنات المحروقات على الطريق، بالإضافة إلى التخوف من وصول كميات منها إلى العناصر الإرهابية التي ما زالت نشطة في سيناء.
المصدر: وكالات