“الوفاق” تواصل التقدم جنوب طرابلس، وأدلة جديدة تدين حفتر
لكن الفارق في مستجدات الميدان، عثور قوات “بركان الغضب” على كميات من المفخخات والألغام داخل مساكن المدنيين في المناطق التي انسحبت منها مليشيات حفتر، بعد ثلاثة أيام من إعلان المتحدث الرسمي باسم قيادة حفتر، أحمد المسماري، قرار اللواء المتقاعد بسحب مليشيات من مواقعها لمسافة 3 كيلومترات، لإفساح المجال أمام الموطنين لـ”تأدية الشعائر الدينية، وتبادل الزيارات، والتواصل بين الليبيين” خلال أيام العيد، ما قد يشكل خطراً جديداً يتهدد وجود حفتر في المشهد، “بسبب تزايد الأدلة التي قد تدفع جهات دولية إلى إعلانه مجرم حرب”، بحسب الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش.
ولم يتوقف الميدان عن كشف أسراره، يوم أمس، عند حدّ إثبات استخدام مليشيات حفتر للألغام، بل أعلنت وزارة الخارجية في حكومة “الوفاق” ليل أمس العثور على جثة مرتزق أجنبي في محاور جنوب العاصمة بعد انسحاب مليشيات حفتر منها، مؤكدة أنها تعمل مع الجهات الأمنية والعدلية المختصة لـ”متابعة موضوع جثة أحد المقاتلين الأجانب التي تم العثور عليها من قبل قوات حكومة “الوفاق” والتثبت من كل الوثائق والدلائل”.
وأكدت الوزارة، في بيان لها ليل الجمعة، أنه عند انتهاء التحقيقات الرسمية المتبعة، “سنعدّ ملفاً بخصوص الجثة لإحالته إلى مجلس الأمن كدليل إضافي على وجود مرتزقة كانوا يقاتلون مع قوات حفتر في جبهة صلاح الدين جنوب طرابلس”.
وعرضت الصفحة الرسمية لعملية “بركان الغضب” صوراً لجثة المرتزق وبعض متعلقاته، مشيرة إلى أنه تم العثور عليه خلال التقدم في منطقة صلاح الدين.
وأكدت، في ايجاز صحافي، أن التحقيقات بشأن الجثة بدأت بالتنسيق بين غرفة عمليات “بركان الغضب” ووزارتي العدل، والخارجية، ومكتب النائب العام، للتحقق من كلّ الوثائق والدلائل، وإعداد ملف لإحالته إلى مجلس الأمن”.
وتبدو الأدلة الجديدة كافية لإزاحة حفتر من المشهد، بحسب الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق، مع تزايد تغير الموقف الدولي منه، بعد فشله العسكري الذريع المتزامن أيضاً مع تصريحات مسؤولين من بعض الدول الإقليمية الداعمة لحفتر، والتي تشير إلى بدء نفض يديها منه.
وبالتوازي مع تغريدات لوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، الثلاثاء الماضي، التي أكد خلالها رفض بلاده لاستمرار القتال في ليبيا، بل ووصف مكاسب الحرب فيها بـ”مكاسب تكتيكية صغيرة”، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال اتصال هاتفي مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، رفض بلاده للحلّ العسكري في ليبيا، مشدداً على ضرورة “التوصل لتسوية سياسية شاملة”.
ويرجح البرق أن موقف الدولتين “يتماهى مع الموقف الدولي الذي بدأ في مرحلة ما بعد حفتر فيما يبدو”، مشيراً إلى دعوة مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين إلى ضرورة “إيقاف هجمات حفتر وممارساته المخالفة للقانون”.
وقالت وكالة “الأناضول” التركية، أمس، إن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، وأوبراين، اتفقا على ضرورة دعم حكومة “الوفاق” المعترف بها دولياً، وإيقاف هجمات حفتر وممارساته المخالفة للقانون.
بل ويرى البرق أن تشديد واشنطن على ضرورة وقف القتال، وبدء استئناف العملية السياسية، وفق بيان الخارجية الأميركية مساء أمس الجمعة، يذهب في هذا الاتجاه، مرجحاً أن تلك الدعوات لا تخاطب حفتر، بسبب انقلابه على اتفاق الصخيرات، ومحاولة استيلائه على الحكم بـ”التفويض” الشكلي، ما يعني رفضه العملية السياسية.
وكانت مصادر ليبية متطابقة قد كشفت في وقت سابق النقاب عن ممارسة أطراف دولية لضغوط على الأطراف الليبية من أجل وقف الحرب والعودة للعملية السياسية. واعتبر البرق أن عواصم الثقل الدولي وحلفاء حفتر راغبون في إزاحته، مقابل إتاحة الفرصة أمام رئيس مجلس النوب عقيلة صالح، الذي أعلن مبادرة سياسية لحلّ الانقسام في البلاد، تضمنت رفضاً للعملية العسكرية التي يقودها حفتر.
ويشير البرق إلى اختلاف في مواقف البعثة الأممية من حفتر في الآونة الأخيرة، إذ سمّته، في أكثر من مناسبة، مسؤولاً عن الهجمات العشوائية على الأحياء السكنية في طرابلس.
وفي موقف جديد يشي بتغير الخطاب الأممي إزاء حفتر، عبّرت البعثة، في بيان لها مساء أمس الجمعة، عن قلقها إزاء أحكام الإعدام التي صدرت أخيراً عن محاكم عسكرية في شرق ليبيا. وقالت إنه “تم إبلاغنا بصدور ما لا يقل عن 13 حكماً بالإعدام من المحكمة العليا ببنغازي وأربعة أخرى من محكمة البيضاء”، محذرة من أن تمثل هذه الأحكام انتهاكاً محتملاً لالتزامات ليبيا بموجب القانون الإنساني الدولي.
وأكدت البعثة “قلقها من تقارير تفيد بعدم السماح للمتهمين بعرض قضاياهم في المحاكم أو فحص أدلة الاتهام الموجهة ضدهم، وأن الأحكام قد صدرت بصورة سرية عقب المحاكمات، من دون تقديم أحكام كتابية مسببة للمتهمين أو المحامين”.
المصدر: وكالات